الإهداء. ب
كلمة الشكر. ج
خلاصة البحث.. د
فهرس المطالب.. 1
المقدمة. 7
الفصل الأول: الكلیات والمفاهیم
1 -الكلیات: 14
تبین المسألة: 14
الأسئلة الأصلیة والفرعیة: 15
سوابق الموضوع والفرضیات: 16
ضرورة البحث: 17
منهج البحث: 17
أهذاف التحقیق: 18
2 –المفاهیم وتعریف أهم الكلیات المحوریة: 18
تعریف التعامل عند أهل اللغة: 18
تعریف التعامل عند أهل الشرع: 19
تعریف الإمام عند أهل اللغة: 20
تعریف الإمام عند أهل الشرع: 21
تعریف المذهب عند أهل اللغة: 22
تعریف المذهب عند أهل الشرع: 23
تعریف العصمة عند أهل اللغة: 25
تعریف العصمة عند أهل الشرع: 26
أئمة أهل البیت عترة الرسول’: 28
كتاب الله الثقل لأكبر: 28
العترة الثقل الأصغر: 29
أهل البیت^أدرى بما فی البیت: 30
انحصار المذاهب الأربعة: 34
الفصل الثانی : تعامل أبی حنیفة النعمان مع أئمة أهل البیت ^
1 – نظرة إلى حیاة أبی حنیفة: 37
الإمام علی× بارك والد أبی حنیفة: 37
كیف أختار أبو حنیفة منهجه: 38
أُصول مذهب الإمام أبی حنیفة: 40
2 -تعامل أبی حنیفة غیر المباشر مع الأئمة^: 41
مشایخ أبی حنیفة كانوا من أصحاب الأئمة^: 41
حمادأستاذأبی حنیفة كان من أصحاب الباقر والصادق÷: 42
كان حماد یحب أهل البیت^ ویبغض أهل الشام: 43
أخذ العلم من أصحاب الأئمة^ خُفْیة: 43
النخعی أستاذ حماد من أصحاب السجاد×: 44
إبراهیم النخعی یقول بالمسح على الأرجل: 46
كان ابراهیم النخغی من شیعة العلویین: 46
كان إبراهیم النخعی یفتی بلعن الحجاج: 48
علقمة أستاذ إبراهیم النخعی كان من خلص أصحاب علی×: 49
تلمیذ الإمام الصادق× یحجُّ أبا حنیفة: 52
بعض أصحاب الصادق× فی مجلس أبی حنیفة: 53
أبو حنیفة وحدیث الغدیر: 54
أبو حنیفة كان یرجع الناس إلى أصحاب الصادق×: 55
2 -تعامل أبی حنیفة المباشر مع الأئمة^: 55
لقاء أبی حنیفةالأول مع الإمام الصادق×: 57
أبو حنیفة یمدح الإمام الصادق×: 57
الصادق× ینهى أبا حنیفة عن القیاس ویحاججه: 59
الصادق× مع أبی حنیفة وقصة الحمار: 63
أبو حنیفة یسأل الصادق× عن آیة السلم: 64
أبو حنیفة یسأل الصادق× عن آیة النعیم: 64
حوار الصادق× مع أبی حنیفة فی القیاس: 65
أبو حنیفة وتقبیل عصا رسول الله’: 69
الصادق× یظهر بطلان فتوى لأبی حنیفة: 70
أبو حنیفة یرجع عن قوله لقول الصادق×: 71
انبهار أبی حنیفة بأجوبة الكاظم×: 71
مسائل أبی حنیفة المتعددة للصادق×: 73
أبو حنیفة یحاور الصادق× فی حكم الشاهد والیمین: 74
أبو حنیفة یسلم للصادق× أنه لا مخرج له منه: 74
أبو حنیفة على طعام الصادق× یتعلم كیفیة الشكر: 74
أبو حنیفة وتلقیه لبعض الدروس عند الصادق×: 75
أبو حنیفة یبكی عند الصادق× لروایته عن آبائه: 75
أبو حنیفة كان محسوبا من شیعة الأئمة^: 76
أبو حنیفة یمارس التقیة خوفا من بطش السلطان: 76
حوار بین الصادق× وأبی حنیفة فی مسائل عدة: 77
الفصل الثالث : تعامل مالك بن أنس مع أئمة أهل البیت ^
مالك بن أنس عاصر خمسة من الأئمة^: 82
بدأ مالك بطلب العلم فی سن مبركة: 82
أصول مذهب مالك: 83
2 – تعامل مالك غیر المباشر مع الأئمة^: 84
أُحِیط مالك فی المدینة بعلوم أئمة أهل البیت^: 84
عبد الله بن هرمز الأستاذ والمعلم الأول لمالك: 85
ابن هرمز شیخ مالك یذم العمل بالرأی: 86
ابن هرمز شیخ مالك كان لا یصلی التراویح: 87
والد عبد الله بن هرمز وسهم ذوی القربى: 87
ابن هرمز شیخ مالك خرج فی الثورة دفاعا عن أهل البیت^: 88
كان مالك یحب الاقتداء بابن هرمز: 90
ابن هرمز أخذ عن شیخه عبید الله بن عتبة: 90
أخذ مالك بالواسطة عن ابن عتبة من أستاذه ابن هرمز: 91
ابن عتبة شیخ ابن هرمز كان سَبَبًا فی ترك سب الإمام علی×: 92
ابن شهاب الزهری شیخ مالك: 93
الزهری عمل لبنی أمیة أكثر من أربعین سنة: 94
كان الزهری یظهر محبة للسجاد×: 95
الزهری شاهد السجاد× مثقلا بالحدید: 95
مالك أثبت من روى عن الزهری: 96
درس السجاد× فی أحكام الصوم وتفصیله العجیب: 97
أبو حازم الأعرج شیخ مالك والزهری: 99
أبو حازم الأعرج من الذین أخذوا عن الأئمة^: 101
أبو حازم من الدعاة المستورین الموالین للأئمة^: 102
كتاب الإمام زین العابدین × إلى الزهری: 103
مواعظ أبی حازم مقتبسة مما تعلمه عن الأئمة^: 106
من مواعظ أبی حازم فی شأن السلطان والعلماء: 109
ربیعة الرأی من أصحاب الصادق× شیخ مالك: 111
بكاء ربیعة خشیة تحمل الإفتاء: 111
اشتهار أمر مالك على شیخه ربیعة بفعل السیاسة: 112
اعتراض الصادق× على ربیعة فی الإفتاء: 114
حوار بین الصادق× وربیعة فی من شتم النبی’: 114
3 -تعامل مالك المباشر مع الإمام الصادق×: 115
مالك یمدح الإمام الصادق× ویثنی علیه كثیرا: 115
البصری صاحب مالك وقصته مع الصادق×: 117
تعلم مالك أدب روایة الحدیث عن الصادق×: 119
عبور جسر جهنم بولایة علی× رواها مالك: 119
الفصل الرابع : تعامل الشافعی بن أدریس مع أئمة أهل البیت^
1 – نظرة إلى حیاة الشافعی : 121
الشافعی وطلب العلم: 122
الشافعی أخذ العلم عن بعض أصحاب الأئمة^: 122
رحلة الشافعی فی طلب العلم: 123
الشافعی حلقة الوصل بین أئمة المذاهب الثلاثة: 123
الشافعی عاصر ثلاثة من الأئمة^: 123
ظلم السلاطین منع الشافعی من مصاحبة الأئمة^: 124
الشافعی ینجو من القتل فی محنته بفعل التقیة: 125
أصول مذهب الشافعی: 126
مذهبه القدیم والجدید: 127
2 -تعامل الشافعی غیر المباشر مع الأئمة^: 127
علم الشافعی یرجع إلى أبی حنیفة ومالك: 127
سفیان بن عُیْینَة شیخ الشافعی لقی الصادق×: 128
سفیان بن عیینة من أصحاب الصادق×: 129
سفیان بن عیینة اتهم بالتشیع: 130
سفیان بن عُیْینَة شیخ الشافعی لقی الصادق×: 130
ابن عیینة یسأل الزهری عن تسمیة زین العابدین×: 131
الإمام زین العابدین أزهد الناس قاله الزهری لسفیان: 131
یقول الزهری ما لقیت أحدا أفضل من علی بن الحسین×: 132
سفیان بن عیینة أحد رواة حدیث الغدیر: 132
قصة فاطمة مع أبیها رسول الله’ یرویها ابن عیینه: 133
أهل البیت^ أمان الأمة من الظلال: 134
زین العابدین × والدعوة إلى الدین: 135
حِكَمْ ومواعظ الإمام زین العابدین×: 135
الشافعی وابن راهویة ممن روى عن الرضا×: 136
ابن راهویه شیخ الشافعی من رواة حدیث السلسلة الذهبیة الرضویة: 137
حوار بین الشافعی وشیخه ابن راهویة: 139
تبرك الشافعی بقبر موسى الكاظم×: 139
مدح الشافعی لأهل البیت^: 140
الشافعی یتفاءل بتشرفه برؤیة أمیر المؤمنین× المباركة: 142
الشافعی یأخذ بمذهب الصادق× فی سهم ذوی القربى: 143
فتوى الشافعی بوجوب الصلاة على الآل فی الصلاة المكتوبة: 152
الشافعی فیه تشیع وانحیاز شدید لسنة النبی’: 153
كان الشافعی شدید التشیع: 153
كان الشافعی لا یصلی التراویح: 154
الشافعی یقتبس الحِكَمْ من كلام الأئمة^: 154
الفصل الخامس : تعامل أحمد بن حنبل مع أئمة أهل البیت^
أحمد بن حنبل عاصر خمسة من الأئمة^: 158
أصول مذهب أحمد بن حنبل: 158
2 -تعامل أحمد بن حنبل غیر المباشر مع الأئمة^: 159
مشایخ أحمد من أصحاب الأئمة^: 160
محمّد بن فضیل من أصحاب الصادق× أخذ عنه أحمد: 162
روایة محمد بن فضیل: 163
روایة مقتل الرضا× بالسم ظلما بأرض خراسان: 164
حدیث المعراج فی اختیار أمیر المؤمنین× خلیفة: 164
3 – تعامل أحمد بن حنبل المباشر مع الأئمة^: 165
أحمد ومشاهدته كرامة الكاظم: 165
ما قاله أحمد فی شأن أئمة أهل البیت ×: 166
شهادة أحمد فی شأن الإمام علی ×: 166
ما قاله أحمد فی علی× ومعاویة: 167
ما قاله أحمد فی شأن زین العابدین×: 167
أحمد وحدیثه عن كتاب أمیر المؤمنین×: 167
أحمد ومعرفة علی× شرط فی قبول الصلاة: 168
أحمد بن حنبل یوثق أصحاب الأئمة^ من الشیعة: 168
نتیجة البحث.. 171
فهرس مصادر البحث.. 175
المقدمة
الحمد لله رب العالمین وصلى الله على سیدنا وحبیب قلوبنا وقرة عیوننا وبهجة نفوسنا رسول رب العالمین سیدنا محمد المصطفى الأمین خیرة خلقه أجمعین وعلى أهل بیته صفوة المؤمنین وخلاصة المتقین السادة المطهرین فی كتابه المبین صلاة دائمة إلى أبد الآبدین وعلى صحبه الأخیار المنتجبین الراضین المرضیین وعلى أتباعهم بالحسنى إلى یوم الدین.
إن هذه الرسالة المسماة بـ (تعامل أئمة المذاهب الأربعة مع المعصومین ^) موضوعها البحث والتنقیب فی كیف كان تعامل أصحاب المذاهب الأربعة مع أئمة أهل البیت ^، باعتبارهم أئمة حدیث وفقه عند أتباعهم، یرجعون إلیهم فی فروع الدین وأحكامه، فالبحث یدور حول: لقائهم بالأئمة ^ وبأصحابهم، وكیفیة الرجوع إلیهم والأخذ عنهم، ومقامهم ومكانتهم^ عندهم. وهذه الرسالة تسعى إلى إبراز ذلك التعامل بشكل جلی بالاعتماد على ما ورد فی كتب الفریقین سنة وشیعة بكل أمانة بعون الله تعالى.
أئمة: جمع إمام، وكلمة إمام: لها معانی عدة فی مصطلح المتشرعة، إمّا بیّنة بحسب الإضافة كما یقال: إمام صلاة الجماعة، إمام فی الحدیث والفقه وما شابه ذلك، وإمّا بحاجة إلى بیان بحسب ما یذهب إلیه كل فریق، ومن المعلوم أن إمامة أصحاب المذاهب الأربعة إمامة حدیث وفقه.
وقد قسّم أهل السنة الإمامة إلى صغرى وكبرى، فالكبرى یختلف مفهومها عن إمامة الفقه، وتطلق بحسب ( الإصطلاح السیاسی ) على كل من یلی أمر المسلمین، وهی عندهم رئاسة عامة ومنصب قیادی تكون لمن ناب عن رسول الله’ بالبیعة بعد الاختیار أو بالعهد من خلیفة سابق أو بالشورى أو بالغلبة، ویعتقدون أنها لم تكن بنص من الله عز وجل ولا من رسوله’، ویسمون الإمام خلیفة وأمیر المؤمنین.
وأما الشیعة الجعفریة فتعتقد بأن الإمامة كانت بنص من الله سبحانه وتعالى للمصطفین من عباده لطفا ورحمة منه، ونعمة أنعم بها على خلقه، ویسمون صاحبها ولیا وإماما وخلیفة، وهی نیابة عن رسول الله’ تكون بتعیین وتنصیب منه، وأنها إمامة تقى وعلم وهدى واقتداء، وتكون القیادة من مشمولاتها، لأن الإمامة أعظم وأوسع من أن تكون مختزلة فی قیادة سیاسیة كما یتوهم غیرهم، فالقیادة مجرد وظیفة یتقلدها الإمام إذا اجتمعت شرائطها، وأهمها بیعة النصرة، ولا یسعى إلیها بالقهر والغلبة وسفك الدماء ألبته، فإمامة الخلفاء الثلاثة محصورة فی القیادة السیاسیة لا تتعداها, وإمامة أصحاب المذاهب محصورة فی الحدیث والفقه، وأما إمامة أهل البیت ^ فمطلقة وغیر محصورة، فهذا هو الفارق الجوهری بین إمامتهم وإمامة غیرهم.
وتعامل الأربعة مع أئمة أهل البیت ^ ینقسم إلى قسمین: تعامل مباشر وتعامل غیر مباشر، المباشر معلوم، وغیر المباشر یكون بالواسطة، إما فی زمانهم، وإما بعد زمانهم، والواسطة أعم من أن تكون عن طریق رسالة أو كتاب، أو نقل روایة وما شاكل ذلك، ومن أهم الوسائط الأبناء والموالی والأصحاب.
فأتباع أهل البیت ^ یتعاملون مع أئمتهم فی عصر غیبة الإمام بواسطة النقل المتواتر عبر الأجیال، بالتّلقی عن عدول الأمة من العلماء والفقهاء، والمَوثُوق مما دُوّن فی بطون الكتب المَعلُومة، یتعاملون معهم بكل احترام وبكل حب ومودة، ومستمرون فی اتّباعهم طوال هذه القرون المتعاقبة لم یفارقوهم، فهم حاضرون فی قلوبهم، وفی عقولهم، وفی وجدانهم، وإن غابت عن أبصارهم أشخاصهم، مقدّمون عندهم على من
خرید متن کامل این پایان نامه در سایت nefo.ir
سواهم، یرجعون إلیهم فی كل صغیر وجلیل من أمور دینهم ودنیاهم، ویتقربون إلى الله بولایتهم ویتبرؤون من أعدائهم أعداء الإسلام والمسلمین.
ولسائل أن یسأل: طوال هذه القرون المتعاقبة كیف كان تعامل إخواننا أهل السنة مع أئمة أهل بیت النبی’؟ بدون شك التاریخ والسیرة كفیلان بالإجابة، ونحن لا نظن بالسواد الأعظم من الأمة المرحومة إلا وهی مع أهل البیت ^، قلوبهم عامرة بمودتهم، ویتقربون إلى الله عز وجل بحبهم. وإن جهل بعض المسلمین حقیقة التشیع لآل الرسول’، فسعینا فی هذه الرسالة محصور بموضوع تعامل الأربعة المباشر وغیر المباشر مع أئمة أهل البیت ^ والتعرف علیهم.
ولا یخفى أیضا بأن مشایخ وأستاذة أصحاب المذاهب الأربعة وتلامیذهم من أهم الوسائط بینهم وبین أئمة أهل البیت ^، بالإضافة إلى ما جاء فی الكتب والمراسلات. وأما الأخبار التی ننقلها فإننا نسعى لتوضیح الفكرة المستنبطة منها، ولو استلزم بعض الاسترسال بدون الدخول فی التحلیل المطول أو المقارنة المسهبة، حفاظا على منهج البحث.
ونعتقد بأن أئمة أهل البیت ^ امتداد طبیعی للرسالة المحمدیة، ورثوا علم الكتاب والسنة كابرا عن كابر، وقد أغناهم الله عن إعمال الرأی والقیاس والاستحسان، فمنهجهم كما یروى عن الإمام الصادق×: ( حدیثی حدیث أبی، وحدیث أبی حدیث جدّی، وحدیث جدّی حدیث علی بن أبی طالب، وحدیث علی حدیث رسول اللّه ’ وحدیث رسول اللّه قول اللّه عزّ وجلّ) فلا یوجد عند المسلمین سلسة حدیثیة تماثل هذه السلسة الذهبیة مطلقا، فالذی رُوِیَ عن الإمام علی × كالذی یُروى عن بقیة الأئمة ^ حذو القذة بالقذه، والتعامل مع أحدهم كالتعامل مع أبیهم الإمام علی × وجدهم رسول الله ’، وقد كان الإمام الصادق × فی زمانه هو قطب الرحى وقبلة العلماء والعرفاء، ینهلون من معینه الصافی، فانتشرت عنه معظم علوم أهل البیت ^، وقد ساعدته الظروف المرحلیة مثل الهدوء السیاسی النسبی، بخلاف من سبقه أو تقدمه من الأئمة ^ كما هو معلوم، فالإمام الصادق × من أقوى حلقات التواصل مع أمة جده رسول الله ’، وبذلك نعتبر المتعاملین معه متعاملین مع سائر أئمة أهل البیت ^.
فالجو العام الذی خلقه أئمة أهل البیت ^ بحسن سیرتهم وسلوكهم وبهاء عبادتهم وأدعیتهم وعظیم أخلاقهم وتدفق علومهم، كان عاملا فاعلا ومؤثرا قویا فی أوساط الأمة، بما فی ذلك أصحاب المذاهب الأربعة، فالإنسان یتفاعل ویتأثر بما یحیط به تلقائیا وبدون شعور، وهذه سنة الله فی خلقه، وقد یلتفت لما حوله من المؤثرات فیتعامل معها ایجابا أو سلبا، فالذی یهمنا هو التعرّف على مسار تعامل الأربعة مع أئمة أهل البیت ^.
وغیر خافی على كل متتبع بأن هواجس الخوف من سلاطین الجور وأصحاب النفوذ والضلال وأهل الفتن الحالقة ومن والاهم، وكونهم لا یزالون على مر العصور والأزمان یشكلون حائلا قویا أمام ظهور الحق ونشر المعرفة، فقد اُجبِر أكثر الناس على السكوت خوفا من استباحة دمائهم وأعراضهم وأموالهم، وحاول بعضهم إیصال الحق بشتى طرق الایماءات والإشارات بدون تصریح، وتشجع البعض الآخر فصرح بالحق بكل وضوح، فناله ما ناله من المحن والإحن والاستئصال والقتل، ولهذا استوجب رصد الحق واقتناصه من كل قول أو إشارة خفیة صدرت عن عالم أو فقیه، سیما أصحاب المذاهب الذین ابتلوا فی محن تشیب الصغیر وتهرم الكبیر.
فالدارس لنشأة المذاهب الأربعة وكیفیة انتشارها، وتأثیر الحكام القوی علیها وما جرى بین مقلدیها ومریدیها من تحزب وتعصب، لا یستبعد أن یُدس ویُكذب علیهم وتُخفى بعض الحقائق من سیرتهم، فقد كانت كل فرقة تجر النار إلى قرصها لكسب ولاء السلطان وود الرعیة وغیر ذلك، وقد كُذب على ر سول الله ’ وما أدراك ما روسل الله ’، فكیف تسلم من هذه الآفة رعیته وأتباعه؟ وهذا الأمر یكون آكد فی تعامل الأربعة مع أئمة أهل البیت ^ الذین حوربوا بألوان الحروب كما هو معلوم، فعلینا أن ندرس ذلك التعامل بحذر شدید، ونكون من المنصفین فیما ینسب للأربعة من مخالفات أو ضلالات، ولا ینبغی أن نركن إلى كل نقل استأنس به أهل الشیعة أو أهل السنة.
ولعل هناك من یستبعد أن یروی الإمام عن غیر الإمام فی علوم الدین، لأنه وارث لعلم النبی ’ فلا یحتاج إلى غیره، بل غیره محتاج إلیه، لكن الإمام قد یروی عن غیر المعصوم من باب إقامة الحجة أو لغرض آخر وهذا لا ینافی طهارته، فإنه یسمع من الرواة فیقرّ الحق ویعدل الخطأ وینكر الباطل، وقد كان النبی ’ یحب أن یستمع للقرآن الكریم من غیره وهو صاحبه، ویستمع لأحادیث أهل الكتاب وهو أعلم بما یقولون، وأما الحوادث والوقائع فإنه یسأل عنها ویرویها كغیره، لكنه لا یثنی ركبتیه لیتعلم من غیر المطهرین، وللمتتبع أن یقف على ذلك فی سیرتهم ^.
فرواة العلم والفقهاء قد لا یلتزمون بمذاهب مشایخهم وأساتذتهم، وهذا لا یؤثر فی ولائهم بحسب ما جرى علیه الحال عند العامة، فكم من فقیه أخذ العلم عن شیخه وأستاذه وهو ینتسب إلیه ویفتخر به، إلا أنك تراه یخالف مذهبه، وهذا ما ابتلى به أئمة أهل البیت ^، فكم من منتسب إلیهم غیر ملتزم بمنهجهم.
هناك طُرق واتجاهات عاشها أصحاب المذاهب الأربعة، مثل سبیل الإمام علی ×، وسبیل كلٍ من عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وابن عباس وابن عمر وابن مسعود وغیرهم، وقد استمرت هذه السُبل من بعدهم عن طریق أتباعهم كما هو معلوم، فالذی سلك سبیل الإمام علی × هم أبناؤه الأئمة ^ بالدرجة الأولى، ثم أصحابهم وشیعتهم، فهل كان أصحاب المذاهب الأربعة یسلكون هذا السبیل أم یترنحون بینه وبین السبل الأخرى؟ سیتبین هذا فی تعاملهم مع أئمة أهل البیت ^.
فالإمام علی والأئمة من ولده ^ یعتمدون فی منهجهم على نصوص الكتاب والسنة النبویة فی أصول الإیمان وفروع الدین، ولا یتجاوزونهما قید أنملة، ومعظم أصول وكلیات القواعد الشرعیة قد أساسها الأئمة ^، بینما الغالب على نهج الخلفاء الثلاثة وأصحاب المذاهب الأربعة، بعد الكتاب وما وصلهم من السنة، الاعتماد على الرأی والقیاس والاستحسان، لغیاب النص النبوی بسبب منع روایة الحدیث وتدوینه بعد رحیل النبی ’ لعشرات السنین.
ثم إن أئمة أهل البیت ^ قد مُنِحُوا جاذبیة ربّانیة، تهوی إلیهم أفئدة الناس على اختلاف مذاهبهم ومشاربهم حتى من غیر المسلمین، بل إنك تجد أعداءهم ینجذبون إلیهم مقهورین، والكل یُسعد عندما یُنسب إلیهم، فأنت فی راحة عندما تُنسَبُ إلیهم ما دمت لست على مذهبهم، أما إذا أخذت بمذهبهم وأتـّبعتهم ولو شیئا قلیلا، تحولت بسرعة البرق الخاطف إلى رافضی بغیض فی نظرهم!!
فهل كان أصحاب المذاهب الأربعة یخاطرون بالانتساب إلیهم أو الاقتراب من مذهبهم مع حلول البلاء بتهمة الترفض؟ وسیتبین ذلك أیضا من خلال كیفیة تعاملهم معهم.
هناك عوامل مهمة فی مراحل نقل روایة الحدیث وتداولها بین المشایخ والطبقات، فالمرحلة الأولى بدأت بعد رحیل النبی ’ بنقل الحدیث عن أهل بیته ^ وعن بعض أصحابه رضوان الله تعالى عنهم، نقلا مجردا عن تدریس فقه الحدیث وقواعده، هذا لمن أجاز نقل الحدیث، لأن الخلفاء الثلاثة كما أسلفنا، كانوا قد منعوا روایة الحدیث وتدوینه، حتى أجازه عمر بن عبد العزیز فی نهایة القرن الأول، وجاءت المرحلة الثانیة فبدأ فیها التفقه فی الحدیث وتدریسه ووضع القواعد والضوابط له، فأصبح الراوی بهذا اللحاظ محدثا وفقیها، وهناك من اكتفى بتلقی الحدیث وجمعه ونشره ولم یمارس التفقه فیه، فهذا لا یعد من الفقهاء فی شیء بل هو محدٍّث، وأما العارف بأسانید الحدیث وبأحوال رجاله تعدیلا وتجریحا وما إلى ذلك فلا یعد فقیها فی أحكام الكتاب والسنة، وعندما نقول: فلان من المشایخ أستاذا لفلان، فلا فرق بین أن یكون ناقلا عنه للحدیث، أو متعلما منه الفقه مباشرة أو بالواسطة ، لأن تلقی العلم والروایة والتأثر بالمذهب، كل ذلك غیر مقید بزمان الحضور ولا بالأخذ المباشر كما هو معلوم.
لا نرید من رسالتنا هذه القول بأن أصحاب المذاهب الأربعة كانوا سائرین على نهج المطهرین من أئمة أهل البیت ^ وأنهم من شیعتهم، وإنما القصد هو إبراز الواقع فی كونهم رجعوا إلیهم وأخذوا منهم ولم یستغنوا عنهم ولا عن أصحابهم، وتعلموا منهم الفقه وسائر علوم الشریعة، وتأثروا بمنهجهم بِنسبٍ متفاوتة، وقد خالفوهم فی أشیاء ولم یقفوا أثرهم ولم یلتزموا بنهجهم، وإن كان إختلافا یسیرا فی بدایة الأمر، إلا أن شقته اتسعت بمرور الزمان لعوامل وأسباب یطول شرحها، وقد كانوا مستقلین فی اجتهاداتهم واستحساناتهم ومقاییسهم ومذاهبهم، فالإمام الشافعی قد اتخذ لنفسه مذهبا كسلفه ولم یلتزم بمذهب شیخه وأستاذه الأول الإمام مالك، وقد خالفه فی أشیاء صرح هو نفسه بها، وهذا لا یعنی أنه لم یأخذ عن شیخه ولم یتعلم منه الفقه، وكذلك الحال عند الإمام أحمد مع شیوخه فإنه لم یلتزم بمذاهبهم، وهذا الاختلاف قد راج بین الأمة مبكرا بعد وفاة رسول الله ’ فكثرت الآراء وتشعبت المذاهب والمشارب، لمن یراه مُبررًا بموجب ما ورد (اختلاف أمتی رحمة)، بل إن العالم المجتهد لا یعدونه صاحب اجتهاد مطلق إذا تقید بمذهب معین، إلا إذا كان مستقلا فی اجتهاده غیر مقلدا لغیره، ونحن لسنا بصدد دراسة صحة هذه الظاهرة من بطلانها، وإنما هی محاولة فی ثنایا هذه الرسالة، للكشف والتنبیه عن الحقائق الكامنة بین السطور أو الغائبة عن العقول.
[جمعه 1400-05-15] [ 04:34:00 ب.ظ ]
|